اعتقالات خارج القانون وتعذيب في السجون السورية خلال المرحلة الانتقالية

منهجية إعداد التقرير
اعتمد هذا التقرير على 32 شهادة مباشرة جُمعت عبر مقابلات فردية أجراها باحثو مركز مناهضة العنف والكراهية خلال الفترة بين حزيران وتشرين الثاني 2025. تمت المقابلات إما وجهاً لوجه في أماكن آمنة أو عبر وسائل اتصال مشفرة لضمان الحماية. خضعت الشهادات لعملية تحقق متعددة المراحل شملت مطابقة التواريخ، مراجعة الأدلة المتوفرة، وفحص الاتساق الداخلي والخارجي للمعلومات.
تم إخفاء جميع البيانات الشخصية للشهود بناءً على طلبهم، واعتمد التقرير على المقارنة بين الحالات لاستخلاص الأنماط دون التعميم.

مقدمة
بين نهاية عام 2024 ونهاية عام 2025، رصد مركز مناهضة العنف والكراهية في سوريا سلسلة متصاعدة من عمليات الاعتقال التعسفي وسوء المعاملة لمعتقلين، في العاصمة دمشق والساحل السوري وحمص وحلب وريف حماة بشكل أساسي وجميعهم من الطائفة العلوية.
ويعتمد هذا التقرير على 32 شهادة تم الحصول عليها مباشرة من الضحايا أو من شهود، وعلى عمليات استقصاء وتحقق احتاجت قرابة 6 أشهر من العمل المتواصل في سبيل مراجعة المعلومات والتحقق للوصول إلى هذا التقرير.
ويوثق التقرير أنماطاً مختلفة من الانتهاكات التي تمارس خارج أشكال الرقابة القضائية والقانونية ويخلص في كثير من المواضع إلى أن المؤسسة القضائية تكاد تكون شبه معطلة ومقطوعة الصلة مع بعض السجون ولا تمر عليها ملفات توقيف واحتجاز مئات المعتقلين.
وتتراوح أنماط الاعتقال التي تم توثيقها بين التعذيب الجسدي والنفسي التي أدى بعضها للموت، مروراً بالاعتقال التعسفي الإخفاء القسري وصولاً لتغييب القانون، وتحويل الأجهزة الأمنية الجديدة إلى سلطات مطلقة لا تخضع لرقابة ولا تحقق معايير العدالة.
إن تجميع هذه الحالات وتحليلها وفق نوع الانتهاك يسمح بفهم أعمق لآليات العنف، والكشف عن البنية الجديدة التي تتحرك داخلها الأجهزة الأمنية، وعن أثر ذلك على حياة الأفراد وأمنهم وكرامتهم. في محاولة للإضاءة على مخاطر هذا الواقع وبناء الأجهزة الأمنية والعسكرية على أسس وعقائد دينية وطائفية تمييزية تتيح الإساءة لمكونات وممارسة انتهاكات بحقها استناداً إلى فتاوى وارتباطات بعيدة عن منهجية الدولة والقانون.

اعتقال رجل مسن للضغط على أحد أبنائه لتسليم نفسه
في شهر تموز 2025 أوقفت دورية أمنية في أحد أحياء العاصمة دمشق رجلاً في الخمسين من عمره، وطلبت هويته وبعد الاطلاع عليها سألوه عن مكان تواجد أحد أبنائه فأجاب أنه لا يعرف عنه شيئاً، فكان الرد أن اعتدوا عليه بالضرب ووجهوا له شتائم طائفية، ووصفوه بـ”الخنزير”.
يقول الشاهد إنه جرى اقتياده إلى مركز أمني في العاصمة حيث قام أحد العناصر الملقب بـ”الشيخ” بتعذيبه عبر جلده بالكرباج على ظهره عبر جلسات تعذيب متعددة خلال ثلاثة أيام من الاحتجاز، بينما كان السؤال المتكرر خلال التحقيق يدور حول مكان أحد أبنائه. في اليوم الرابع، قام الابن/ة المطلوب بتسليم نفسه إلى الجهة الأمنية ذاتها، ليتم بعدها الإفراج عن الأب، مع احتفاظ الجهة الأمنية بأوراقه الشخصية، وهو لم يتجرأ حتى اليوم على العودة للمركز الأمني لاستلام اوراقه الشخصية ولم يتصل به أحد من المركز الأمني ليسلمه إياها رغم حاجته الماسة لها.
يضيف الشاهد أنه لم يجرؤ على مراجعة أي مركز طبي لتلقي العلاج بسبب احتجاز أوراقه الثبوتية وخوفاً من أن يدخل مرة أخرى للمعتقل، بينما قامت إحدى الجمعيات المدنية في دمشق — بعد تواصل فريقنا معها — بإرسال صيدلاني إلى منزله لتقديم مراهم وعلاج للجروح الناتجة عن الجلد، نظراً لعدم قدرته على الحركة أياماً عدة بعد الإفراج عنه.
ويشكل الاعتقال بغرض الضغط على أحد أفراد الأسرة انتهاكاً صارخاً للمادة 9 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. كما أن التعذيب الجسدي والشتائم الطائفية يُعدّان مخالفة لاتفاقية مناهضة التعذيب، ويُنظَر لهما كعمل عقابي جماعي محظور دولياً

موت تحت التعذيب وإساءات في السجون
في شهر حزيران 2025 مات شاب في الثلاثين من عمره ينحدر من الساحل السوري في مركز أمني على أطراف العاصمة دمشق ويتبع لأمن العاصمة، وبحسب شهادة أحد المحتجزين معه:”دخل معتقلان جديدان إلى المهجع الذي كان فيه 28 شخصاُ، أحدهما كان نحيلاً جداً وقصير وأسمر اللون، ويبدو عليه أنه إما كان مضرباً عن الطعام أو ممنوعاً عنه، وعلى مدى عدة أيام كانوا يخرجونه كل يوم للتعذيب ويعود ويمنعونا من الحديث معه أو الاقتراب منه، وفي اليوم الرابع عاد من التعذيب منهكاً تم رميه على مدخل المهجع نقلناه إلى زاوية وخلال ساعات لفظ أنفاسه الأخيرة. صرخنا ونادينا عليهم لنقله للمستشفى فجاء الشيخ ونظر إليه وهو ميت وطلب من العناصر نقله للمستشفى لدفنه”.
أحد الناجين من التعذيب وهو مراهق دون 18 عاماً قال إنه اعتقل في الشارع بعد أن تم سؤاله عن طائفته، وأمضى عدة أشهر في المعتقل تعرض خلالها للتعذيب على مدى قرابة 60 يوم، حيث تعرض للضرب المبرح بواسطة قساطل التمديدات الصحية خضراء اللون وكذلك جوان الغسالة التي يحيط ببابها وهما شديدي الإيلام حسب وصفه.
وبحسب المعتقل فإنه أخلي سبيله بعد دفع مبلغ مالي لأحد الوسطاء الذي تكفل بتأمين خروجه من السجن مقابل مبلغ مالي، وهذا ماحدث. وتشير والدته إلى أن قسم الأمن الذي رأت السيارة التي اعتقلت تدخل إليه بأم عينيها رفض طوال الوقت الإقرار بوجود ابنها لديهم ولم يقر باحتجازه حتى تدخل وسيط الذي أخذ مبلغاً مالياَ يزيد عن 11 ألف دولار مقابل المساعدة في كشف مصيره وإخلاء سبيله.
خلال جمع الشهادات رصدنا مجموعة واسعة من مراكز الاحتجاز خارج مخافر الأمن والسجون الرسمية التقليدية، بعضها منشآت سياحية تمركزت فيها قوات أمنية أو عسكرية تابعه للحكومة السورية الانتقالية، وبعضها فيلات ومزارع شخصية تمركزت فيها فصائل تابعة لوزارة الدفاع وبعضها استمر في حمل راياته وأسمائه السابقة قبل إعلان انضمامه للوزارة بشكل رسمي.
من المقرات التي رصدناها للاحتجاز والتي شهدت تعذيب رصدنا فندق في محافظة اللاذقية تم تحويله لمركز احتجاز، وبحسب عد شهادات حصلنا عليها من محتجزين في الفندق في أشهر أيلول وتشرين الأول والثاني 2025 فإن الموقوفين في الفندق يتعرضون للتعذيب الجسدي والشتائم الطائفية بشكل مستمر، وأشار أحد المفرج عنهم من نقطة الاحتجاز أن من أنماط التعذيب التي تعرض لها أن أحد العناصر وضع البندقية في رأسه وضغط على الزناد لكنها لم تكن مذخرة، مما أدى للإغماء عليه والتبول في اللاإرادي بثيابه نتيجة الخوف، ويشير الشاهد وهو شاب وحيد أنه بعد هذا التخويف تم إدخاله إلى غرفة استجواب وضرب فيها حتى الصباح عندها قاموا بإخلاء سبيله بعد تدخل وسيط ذو نفوذ لدى السلطة تعرفه أسرته.
في حين أن الآخرين ممن تم احتجازهم معه تعرضوا للضرب المبرح والشتائم الطائفية واستمر احتجازهم لأكثر من 20 يوم دون محاكمة أو عرض على قاضي قبل أن يخلى سبيلهم.

الاعتقال العشوائي
في شهر آب 2025 وصلت قوة أمنية إلى قرية على أطراف مدينة ساحلية وتوقفت أمام محل تجاري كان يجلس أمامه 5 أشخاص يشربون القهوة، ترجّل العناصر بعتادهم العسكري وسألوا عن شخص محدد بين الجالسين وتحققوا من هويته، وعندما تاكدوا منه تم اعتقاله وجميع من كانوا معه رغم أن المهمة التي كانت لديهم تطلب اعتقاله وحده.
بعد حوالي أسبوعين اعلنت السلطات أنها اعتقلت متهماً مرتبطاً بفلول النظام وأنه تم تحويله للقضاء، وبعد التحقق تبين لفريق التوثيق أن هذا المتهم تحول للقضاء بتاريخ 21 آب 2025، لكن المحتجزين الذين كانوا يجلسون معه استمر التحفظ عليهم في مكان الاحتجاز ذاته منذ آب 2025 وحتى إعداد التقرير في شهر كانون الاول 2025.
راجعت عوائل المحتجزين السلطة القضائية في اللاذقية وطالبت بزيارة المحتجزين وتوجيه تهم واضحة لهم ومحاكمتهم بشكل عادل، لكن القضاء لم يستجب لهم ولم يؤكد احتجازهم، وبعد عجزهم عن الوصول لأبنائهم عبر السلطة القضائية، التقوا بمسؤول تنفيذي في الحكومة السورية والذي أجرى عدة اتصالات ثم حصل لهم على زيارة لأبنائهم المحتجزين في أحد مقرات الأجهزة الأمنية، وقد بدت على وجوههم علائم ضرب وبدا وزنهم متراجعة وحركتهم متثاقلة حسب توصيف الأهالي.
وتؤكد عائلات المحتجزين أنهم لم يتمكنوا حتى اليوم من توكيل محامين لأبنائهم ولم يسمح لهم بتكرار الزيارة مرة أخرى ولا يعرفون ماهو مصير أبنائهم، وأشاروا إلى أنه خلال الزيارة الوحيدة التي حصلوا عليها علموا من أبنائهم انه تم التحقيق معهم حول علاقتهم بالشخص المتهم الذي تم تحويله للمحاكمة، وأكدوا انها علاقة عادية ولا يعلمون أي شيء عن نشاطه وأن التجمعات أمام المحلات التجارية والمقاهي للتسلية تتم عادة بحضور أشخاص ليس بالضرورة أن يكون اصدقاء مقربين أو شركاء يكفي أن يكونوا معارف.وفقاً لعائلات المحتجزين.
الاحتجاز في أماكن غير رسمية، مع تعذيب وإهانات طائفية، يمثل انتهاكاً لاتفاقية مناهضة التعذيب، والمادة 14 من العهد الدولي الخاصة بالحق في المحاكمة العادلة. كما يشكل إخلالاً صارخاً بواجب الدولة في تسجيل كل محتجز وإبلاغ ذويه بمكانه.

القتل والإساءات الطائفية على الحواجز
خلال عام وثقنا أنماطاً مختلفة من الإساءات الطائفية على الحواجز والتي ماتزال مستمرة بوتيرة مختلفة حتى شهر كانون الأول 2025.
بمراجعة الأحداث والانتهاكات التي تم توثيقها وتورايخها يمكن القول أنها بدأت في شهر كانون الأول 2024 وتصاعدت بشكل كبير عقب مجازر الساحل السوري في آذار 2025. وهي ماتزال مستمرة حتى اليوم.
من ممارسات الحواجز على الأرض، توجيه الإهانات والإساءات المباشرة على أساس طائفي كالشتائم، وطلب العواء ، وتمتد للضرب من الصفع السريع إلى الضرب العنيف بأخمص البندقية وصولاً للتعذيب حتى الموت.
في تموز 2025 وثقنا مقتل شاب تحت التعذيب بعد ساعات من اعتقاله على حاجز أمني في أحد مدن الساحل السوري، حيث تعرض للضرب الشديد قبل أن يتم نقله من الحاجز العسكري لمركز أمني ومن هناك لمستشفى حكومي حيث توفي قبل وصوله للمستشفى نتيجة التعذيب.
وبحسب الشهود فإن الإعتداء والضرب تخلله بشكل مباشر توجيه أسئلة طائفية للضحية ومن ثم شتائم طائفية واساءات لفظية بحق طائفته وأسرته.
في أيار أوقف حاجز في بانياس شاباً في العشرين من عمره كان متجهاً لزيارة صديق في المستشفى مساء عقب حادث مروري تعرض له، ومن عادات أهل القرى أن تفزع في هكذا حالات ويتجه بعض أبنائها للمستشفى لمساعدة المريض وذويه، سواء مساعدة مادية أو معنوية أو حتى تبرع بالدم ومرافقة المريض إلخ. وفقاً لوالدة الضحية.
وعلى الطريق أوقفه حاجز عسكري عند مدخل القرية وقام العناصر بتوجيه شتائم طائفية له وتوجيه عدة صفعات له، ومن ثم الاستحواذ على هاتفه المحمول والتفتيش فيه بشكل غير قانوني، قبل أن يقول له أنا سألقم البارودة وأنت ستركب على دراجتك النارية اذا استطعت الهرب قبل أن أطلق النار عليك فإنك تنجوا، وعلى الفور أقلع بدرجاته النارية وسمع بعد لحظات صوت عيارات نارية فزاد من سرعته حنى وصل إلى المنزل ولم يغادره بعدها حتى أزيل الحاجز من مكانه ومن يومها وهو مصاب بأزمة نفسية ولا يخرج من المنزل.
شهادات أخرى حصلنا عليها تشير إلى الضرب والتعنيف وسرقة الهواتف المحمولة على الحواجز، ويعد سلوك تفتيش الهواتف المحمولة شائعاً لدى الحواجز وهو سلوك فيه انتهاك خصوصية، ويقول أحد الشهود أن حاجزاً رسمياً أخذ هاتفه المحمول وقام بالنظر إلى الصور فيه وسأله عن أخته التي تظهر معه بالصور ومن ثم سرق الهاتف ولم يعده له الأمر الذي دفعهم للخوف على أخته من الخطف والتحفظ على حركتها وتنقلها خارج المنزل.
الإساءات الطائفية على الحواجز، بما في ذلك الضرب، والإذلال، والتهديد بالقتل، والقتل الفعلي، تشكّل انتهاكاً للمادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي تحظر التعذيب، وللمادة 26 التي تحظر التمييز القائم على الهوية. كما أن القتل أثناء الاحتجاز أو عند نقاط التفتيش يُعد قتلاً خارج نطاق القانون ومسؤولية الدولة ثابتة عنه. تفتيش الهواتف وسرقتها يمثلان انتهاكاً صريحاً للحق في الخصوصية وفق المادة 17 من العهد الدولي.

احتجاز شابة في دمشق ونقلها بين مراكز أمنية ومنع عائلتها من الوصول إليها
في أيلول 2025، اختفت شابة في الثلاثين من عمرها في أحد الأحياء العشوائية بالعاصمة دمشق، بعد أن أوقفتها سيارة يستقلها مسلحون واقتادوها إلى جهة مجهولة. اعتقدت عائلتها أنها تعرّضت لعملية خطف، فنشروا خبر اختفائها عبر وسائل التواصل. بعد أسبوع تلقوا اتصال مجهول يطالبهم بحذف المنشورات ويبلغهم بأنها محتجزة لدى الأجهزة الأمنية وتم تحديد الفرع.
راجعت العائلة الفرع ومن هناك تم تحويلهم إلى أحد مخافر العاصمة وعند وصول العائلة إلى المخفر، أكد عناصره أنها محتجزة لديهم كمشتبه بها في قضية يتم التحقيف فيها، لكنهم منعوا العائلة من رؤيتها أو التحدّث إليها، بحجة انتظار عرضها على القاضي.
خلال الأسابيع التالية، واصلت العائلة مراجعة المخفر والنيابة العامة، إلا أنها لم تتمكن من رؤيتها إطلاقاً، ولم تحصل على أي معلومات رسمية حول وضعها القانوني، رغم أن القانون يفرض عرض الموقوف على القضاء خلال 24 ساعة من توقيفه. لاحقاً، سمح المخفر للعائلة بإرسال احتياجات شخصية، لكن دون السماح لهم بالتواصل المباشر معها.وحتى 4 كانون الأول 2025، لم تكن العائلة قد تمكنت من رؤيتها أو التأكد فعلياً من مكان احتجازها أو حالتها الصحية باستثناء ما تقوله السلطات في المخفر.

احتجاز 400 شاب دون محاكمة
تعد إجراءات التوقيف من دون محاكمة من أكثر الانتهاكات شيوعاً خلال المرحلة الانتقالية في سوريا، وقد تمكنا من تسجيل قرابة 450 حالة احتجاز دون محاكمة في أحد السجون الواقع في ريف محافظة حلب، ويوجد المئات أيضاً في سجون بمحافظة إدلب والقاسم المشترك بينهم أنهم ضباط وعناصر في الجيش السوري المنحل.
المحتجزون في هذه السجون معظمهم موقوفون في الفترة مابين 1 و10 كانون الأول 2025، والغالبية تم احتجازهم بعد رمي سلاحهم ومغادرة قطعاتهم العسكرية في كانون الأول 2025.
بين المحتجزين عسكري كان معتقلاً في سجن سوري سيء السمعة بسبب رفضه الخدمة وخرج من السجن ونقل مباشرة لمتابعة خدمته في دير الزور، وقبل سقوط النظام ترك سلاحه مع رفاقه وقرروا الانطلاق سيراً على الأقدام باتجاه محافظة حمص، وعندما وصلوا إلى منطقة السخنة ألقي القبض عليهم وعددهم كان قرابة 1500 شخص، تم احتجازهم أولاً في سجن حماة المركزي حيث احتجزوا هناك حتى شهر أيار ومن ثم تم توزيعهم على سجون أخرى ومازالوا محتجزين حتى تاريخ إعداد التقرير في كانون الأول 2025.
بحسب شهادات لمجموعة من ذي المحتجزين فإنهم تمكنوا من زيارتهم لأول مرة في شهر تموز 2025، وأنه تم التحقيق معهم وأعلموا أنه نتائج التحقيق حولهم لم تثبت تطورتهم بجرائم ولكن يخضعون لفترة تأديبية عقاباً على خدمتهم في الجيش والأجهزة الأمنية المنحلة وسيخلى سبيلهم بعدها.
وتشير شهادات ذويهم إلى أنهم راجعوا السلطة القضائية لتبين حالات ذويهم وتهمهم وإجراءاتها القانونية تجاههم، إلا أنهم لم يعثروا على ملفات لهم في الدوائر القضائية ولم يتمكنوا من الوصول لمحاضر التحقيق رغم استعانتهم بمحامين، بينما أكد المحتجزون لذويهم أنهم لم يعرضوا على أي قاضي، وأنه فقط خضعوا للتحقيق في السجون التي احتجزوا فيها.
السلطات كانت قد فتحت مركزاً لتقديم الشكاوي على عناصر الجيش المنحل والقوات الأمنية في الملعب البلدي بدير الزور وطلبت من الأهالي تقديم شكاوي على من ارتكب مخالفات وجرائم، وقال مصدر في لجنة استقبال الشكاوي لفريق إعداد هذا التقرير أن عدد الشكاوي التي وصلتهم محدودة جداً ولا تزيد عن 20 شكوى وليست كلها جرائم حرب بل هناك انتهاكات من نوع سوء المعاملة أو الفساد المالي وهي فردية بعضها بحق أشخاص محتجزين وبعضها بحق أشخاص لم نحدد مصيرهم بعد.
شهادات الأهالي تشير إلى أن السجناء يحظون بمعاملة إنسانية في السجون، لم ينقل لهم أبنائهم أي معلومات عن انتهاكات بعد نقلهم من سجن حماة، وأشاروا أن الانتهاكات تركزت في سجن حماة وكانت نسبية وتم تغيير عدد من العناصر خلال فترة احتجازهم في سجن حماة نتيجة سوء معاملتهم واستخدامهم للتعذيب وذلك وفقا لأهالي سجناء نقلوا هذه المعلومات عن أبنائهم المحتجزين.
وبحسب الشهادات أيضاً فإن السجون تابعة لوزارة الدفاع والمشرفين عليها يتم مناداتهم بـ “الشيخ”، وفي السجون يمنع التدخين، وهناك طعام منتظم، وحمامات منتظمة، ويتم معاملة السجناء بطريقة فيها درجة مقبولة من الاحترام والكرامة الإنسانية. كما أن السجن يدار وفق منهجية دينية وتخصص ساعات لتشغيل صوتيات دينية وينادى على السجناء للصلاة.
والسجناء في هذه السجون من مختلف الأديان والطوائف في سوريا وجميعهم يحظون بالمعاملة ذاتها ولم نسجل وفق الشهادات أي تمييز سلبي أو إيجابي لأحد المحتجزين على الآخر.

التوصيف القانوني
تشكل الانتهاكات الموثقة أعلاه مخالفات جسيمة لحقوق الإنسان، وتتعارض مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتخالف أحكام اتفاقية مناهضة التعذيب. وتشمل هذه الانتهاكات: الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني، والتعذيب وسوء المعاملة، والقتل خارج نطاق القانون، إضافة إلى الإخفاء القسري، والتمييز والاضطهاد على أساس طائفي، وانتهاك الحق في الخصوصية والحرمة الشخصية، فضلاً عن غياب الرقابة القضائية الفعّالة بما يعزز الإفلات من العقاب.