إعداد مركز مناهضة العنف والكراهية
تمنع الفصائل المتطرفة المتمركزة في قرية قرفيص بريف مدينة جبلة بالساحل السوري كل أشكال الحياة منذ 6 آذار 2025 حتى اليوم 5 أيار 2025 وقد ارتكبت مجزرة في القرية راح ضحيتها 29 شخصاً وماتزال الجرائم مستمرة دون رادع.
تاريخ الإصدار: أيار/ مايو 2025
نوع التوثيق: تقرير توثيقي استقصائي مبني على شهادات مباشرة من ذوي الضحايا
تصنيف الجريمة: جريمة ضد الإنسانية، قتل خارج نطاق القانون، اضطهاد طائفي، إخفاق السلطات في حماية السكان
المرجع القانوني للتوصيف: المادة 7 من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية
المكان: قرية قرفيص في الساحل السوري – ريف جبلة
الضحايا: الضحايا: 29 إنسان في مجرزة جماعية
رغم مضي شهرين على ارتكاب مجرزة جماعية بحق 29 إنسان في قرية قرفيص إلا أن الأهالي مازالوا قابعين تحت سطوة فصائل متطرفة تتحكم بالقرية وترتكب الانتهاكات والجرائم الفردية والجماعية بحق أهالي القرية الذين تعجز السلطات الانتقالية حتى اليوم عن حمايتهم وتوفير الأمان لهم.
في قرية قرفيص وقعت مجزرة طائفية أيضاً راح ضحيتها 29 مدني بينهم عائلات عبارة عن أب وأبنائه، وقد ارتكبت هذه المجزرة من قبل أرتال قادمة من جهة بانياس وفق ما تشير معطياتنا وشهادات الأشخاص الذين شاهدوا الرتل أثناء عبوره، حيث تمركز جزء منه في داخل نبع السن الذي يغذي الساحل السوري بالمياه ومن بعدها قطعت المياه عن الساحل السوري ولم نتمكن من كشف سبب قطعها إلا أن الأهالي يتهمون الفصيل بأنه وقف خلف عملية القطع في إطار سياسة العقاب الجماعي.
الرتل توجه إلى قرية قرفيص والتي يتواجد فيها مقام أحد الرموز الدينية العلوية واسمه الشيخ أحمد بقرفيص حيث تم العبث بالمقام ومن ثم تم التوجه إلى منزل الصحفي الرياضي أكسم دوبا وهو مالك جريدة الرياضية وهو ابن العماد علي دوبا أحد رموز نظام الأسد في التسعينات والثمانيات. حيث تم قتله في المنزل مع اثنين من العاملين لديه.
قتل في قرية قرفيص 29 مدنياً على أساس طائفي بينهم اثنان بعمر سبعين عاماً وهما محسن عبود وفؤاد معلا، ورجل بعمر 67 عاماً واسمه ياسر سليمان وقتل الى جانبه ولداه عمار وأحمد. كما شهدت القرية إحراق عدد من المنازل وسرقة بعض السيارات.
بعدها تمركزت عناصر من وزارة الدفاع في القرية، حيث سجلنا خلال تواجدها ممارسة الانتهاكات اللفظية وأعمال توقيف واحتجاز مؤقتة بحق الأهالي دون وقوع انتهاكات واسعة وحوادث عنف ممنهج باستثناء المجزرة التي وقعت في 7 آذار.
لكن خلال الأيام العشرة الماضية ازدادت وتيرة الانتهاكات من قبل العناصر المتواجدين في القرية والذين يرتدي جمعيهم اللثام بشكل غير مفهوم.
شهادات الأهالي تؤكد أن العناصر قاموا بسرقة المدرستين الإعدادية والابتدائية وكسر محتوياتهما، كذلك الحال في مؤسسة البريد والمستوصف والبلدية، وحتى مشروع الفطر المحاري ومشغل الخياطة في القرية تم سرقة الطاقة الشمسية منهما.
يقول أحد الشهود “أي بيت فاضي بيدخلوا عليه بيعفشوه ويلي ما بيعفشوه بيكسروه لحتى ما بقا يصير صالح للسكن”، ويضيف أن الموسم الآن يتطلب تنظيف الأرض حول أشجار الزيتون، لكنا لا نستطيع القيام بذلك “هلا يلي بينزل عالأرض بيكون مستغني عن حياته”، بمعنى أنه يكون باع حياته في إشارة لخوف أهالي القرية.
ازدياد المخاوف بعد جريمة قتل
المخاوف ازدادت بعد جريمة قتل الشاب “حسن يوسف” والذي اختفى في 28 أيار 2025 وعثر على جثمانه مقتولاً بعد يومين. وبحسب مارصده المركز فإن القرية تشهد حالة من النزوح مذاك الوقت، البعض نزحوا إلى منازل أقاربهم في القرى المجاورة، وآخرون انتقلوا لاستئجار منزل في المدينة.
وعلى الرغم من أن المدرسة الابتدائية موجودة، إلا أن الأهالي يخشون إرسال أطفالهم إليها، وتقول شاهدة من القرية: «إذا نحن الكبار ماعمنسترجي نطلع من بيوتنا كيف رح نسترجي نبعت ولادنا الصغار، كمان عناصر الفصيل عطول عالطريق بيمشوا بسياراتن بسرعة كبيرة دون الاهتمام بسلامة المدنين فمين رح يسترجي يترك ابنو يطلع برا؟».
كما وثقنا شهادات حول إطلاق نار بينما كان على دراجته النارية متوجهاً من العقيبة إلى الزهراء مروراً بقرفيص، وبحسب الشهادات فإن مصدر الطلقات هو منزل يتمركز فيها عناصر تابعين للسلطات السورية الانتقالية. كما بينت الشهادات إن الرصاص تم إطلاقه من منزل الدكتور “أحمد سيف الدين عبد الكريم” الذي استولت عليه أجهزة السلطات الانتقالية وتمركز فيه عناصر تابعون لها.
وقد سيطر مسلحون تابعون للسلطات الانتقالية على 3 مواقع في القرية وهي ممتلكات شخصية تم دخولها عنوة وهي مطعم “جار القمر”، ومنزل “عبد الله دوبا”، إضافة إلى منزل “أحمد سيف”.
وفي 19 نيسان 2025 تم اختطاف شاب من قرية مجاورة كان بزيارة لمنزل خاله في قرفيص، واصطحبوه إلى مقرهم في مطعم “جار القمر”، حيث تعرض للتعذيب الجسدي. وقد عثر عليه بعد يومين من اختطافه مرمياً على الطريق بالقرب من حي العسالية في مدينة جبلة.
ترهيب الأهالي… اعتقال وتعذيب وتهديد بالقتل إذا تحدثوا للإعلام
تحدثنا خلال الإعداد لهذا التقرير إلى شاهدين تم اعتقالهما تعسفياً من القرية وتعذيبهما، أحدهما بعد إختفائه وعودته ادعى أنه لم يكن مختطفاً وذلك لأن خاطفيه هددوه بالقتل إذا تحدث. إلا أنه اشترط لحديثه عدم ذكر اسمه أو صفته وأكد أنه اختطف من القرية وتعرض للضرب المبرح. فيما أشار شاهد آخر إلى أنه اختطف مع ابنه
وصولاً إلى تاريخ 27 نيسان، حيث اختطف الشاب “حسن عبد الهادي” من القرية عند السابعة مساء، وفي اليوم التالي عثر الأهالي على جثته مرمية في أرض زراعية، وعليها آثار تعذيب وخنق.

بالإضافة لما سبق يقوم عناصر تابعون للسلطات الانتقالية أو محسوبون عليها بالتجول في القرية ليلاً وإطلاق الرصاص بالاضافة لـ سرقة المنازل والممتلكات.
حتى أن المقام الديني المعروف بالقرية “مقام الشيخ أحمد في قرفيص” والذي يعج عادة بالزوار وتقام فيه الأعمال الخيرية وتوزع المساعدات فيه للمحتاجين خال من زواره وحتى القائمين على المقام بقي منهم شخص واحد فقط يتردد يومياً.
وعلى الرغم من مناشدة الأهالي السلطات الانتقالية للتدخل إلا أنها لم تتدخل ولم تجرِ أي تحقيقات بالأحداث التي جرت في القرية مؤخراً، سواء عمليات القتل أو الاختطاف أو حتى عمليات السرقة.
وجدد الأهالي مناشدة السلطات التدخل لحمايتهم والقيام بواجباتها تجاه مواطنيها الذين تتحمل مسؤولية حمايتهم التي عجزت عنها منذ تاريخ 6 آذار 2025 وحتى اليوم.