في مواجهة العنف والكراهية: نبدأ اليوم
في سوريا، حيث ما زالت آثار الحرب تعصف بالمجتمع والذاكرة، يتغلغل العنف في تفاصيل الحياة اليومية، ويتجذر خطاب الكراهية في اللغة والمواقف والتوجهات. من خطاب السلطة إلى منابر الإعلام، ومن الفضاءات الرقمية إلى فعل عنفي على أرض الواقع، صار التطرف اللفظي والمجتمعي واقعاً يُنتج مزيداً من الانقسام والخوف.
نطلق اليوم مركز مناهضة العنف والكراهية إدراكاً منا أن العنف لم يكن يوماً قدراً، وأن الكراهية ليست طبيعة بشرية، بل صناعة ممنهجة، تغذيها سياسات الاستقطاب، وذاكرة الألم غير المعالجة، وغياب العدالة والمساءلة.
نؤمن أن اللاعنف ليس ضعفاً، بل خياراً استراتيجياً للتحول، يُعيد ترميم ما تهشّم، ويمنح المجتمعات فرصة للنجاة من دورة الخراب المستمرة. في ظل هذا الخراب، تبرز الحاجة إلى إنتاج خطاب جديد، يُقاوم العنف لا بالعنف، بل بالإشارة إليه أولاً وثانياً بالفهم والنقد والمواجهة السلمية، ويقلب معادلة “إما أنت أو أنا” إلى “كلنا نستحق الحياة”.
أما خطاب الكراهية، فليس مجرد كلمات جارحة أو آراء صادمة. إنه ممارسة تُقصي وتُحقّر وتُحرّض، تستهدف مجموعات على أساس هويتها العرقية أو الدينية أو السياسية أو الجندرية. وفي السياق السوري، يتخذ هذا الخطاب أشكالاً معقدة، تتراوح بين التكفير والتخوين والطعن بالانتماء وحتى تبرير القتل.
مهمتنا هي فضح هذا الخطاب، وتحليل جذوره، وتفكيك أدواته، والدفاع عن فضاء عام حر وآمن للجميع.
غايتنا بناء بيئة تدعم التعددية والاختلاف، وتؤمن بأن الاختلاف ليس تهديداً، بل ثراءً اجتماعياً يجب حمايته.
من هنا، يبدأ عملنا. ومن هنا، ندعو كل من يؤمن أن سوريا تستحق مستقبلاً بلا عنف ولا كراهية، أن يكون شريكاً في هذه المهمة.