إعداد مركز مناهضة العنف والكراهية
تاريخ الإصدار: 5 حزيران/ يونيو 2025
نوع التوثيق: تقرير حقوقي عاجل
حول الانتهاكات الجسيمة المرتكبة في قرية “الدالية” – ريف جبلة / محافظة اللاذقية
مقدمة
في مساء يوم الأربعاء 4 حزيران 2025، أطلقت السلطات السورية حملة أمنية مفاجئة استهدفت قرية “الدالية” التابعة لريف جبلة في محافظة اللاذقية، بزعم الرد على هجوم استهدف مركز الاتصالات في القرية. وقد وثق مركز مناهضة العنف والكراهية، استنادًا إلى شهادات مباشرة من أهالي القرية وشهود عيان، سلسلة من الانتهاكات التي رافقت هذه الحملة، والتي تمثّل خروقات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وترقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية.
تفاصيل الحملة الأمنية والانتهاكات المرتكبة.. الهجوم العسكري العنيف والمنظم
بدأت الحملة قرابة الساعة السادسة مساءً بدخول أرتال عسكرية تحمل شارات الأمن العام، يرافقها عدد من سيارات الإسعاف، فيما خلت القوة المهاجمة من أي تجهيزات لإخماد الحرائق رغم احتراق منازل لاحقًا.
قامت القوات المهاجمة بإطلاق النار بشكل عشوائي فور دخولها القرية، مما أدى إلى حالة هلع جماعية ونزوح مئات العائلات إلى البراري المحيطة.
القتل خارج نطاق القانون
قُتل المواطن “عصام شروف” – راعي أغنام – أثناء عودته إلى منزله، حيث ترك ينزف على الأرض حتى الموت.
أُعدم كل من “علي رسوق” و”مازن إبراهيم” داخل منازلهما، في تصرف يُعد بموجب القانون الدولي عملية إعدام ميداني دون محاكمة.
اقتحام المنازل والانتهاك المتعمد للخصوصية
أُبلغ عن اقتحامات قسرية لعشرات المنازل وتمركز عناصر الحملة على أسطحها.
ترافقت عمليات التفتيش مع تلفظ بعبارات طائفية مهينة، وتكسير متعمد للممتلكات والأثاث.
الحرق العمد للمنازل والمركبات
وثق المركز عمليات حرق مقصودة طالت عددًا من المنازل والمركبات، دون وجود أي ضرورة عسكرية تبرر ذلك.
لم تواكب الحملة أي محاولة لإخماد النيران، ما أدى إلى اشتعال الحرائق طوال الليل وحتى صباح اليوم التالي.
اعتقالات عشوائية
وثق المركز 7 عمليات اعتقال على الأقل خلال الحملة التي شهدتها قرية الدالية، وبحسب شهود عيان فإن هناك أشخاص اعتقلوا من منازلهم بينما آخرون اعتقلوا عند خروجهم صباح اليوم لتأمين الخبز.
ولم يتسن للأهالي معرفة أماكن احتجاز أبنائهم ولا معرفة أي معلومة عنهم حتى لحظة إعداد هذه السطور.
علماً أن الأضرار والضحايا والاعتقالات قابلة للزيادة بأي لحظة نظراً لأن هذا مسح أولي.
تحليل وتوصيف قانوني أولي
تشير المعطيات الميدانية إلى أن ما جرى في قرية الدالية:
يشكل هجومًا منهجيًا ومنظمًا يتضمن انتهاكات متعددة تشمل القتل العمد، والتدمير المقصود للممتلكات، والإهانات ذات الطابع الطائفي.
يرقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 من نظام روما الأساسي، خصوصًا مع تكرار نمط الحملة في قرى أخرى من الساحل السوري في وقت سابق.
مطالب مركز مناهضة العنف والكراهية
فتح تحقيق دولي عاجل تحت إشراف الأمم المتحدة أو هيئات مستقلة، في الجرائم المرتكبة في قرية الدالية وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة.
ضمان حماية المدنيين في مناطق ريف جبلة عمومًا، وإيقاف كافة أشكال العقاب الجماعي والتمييز الطائفي بحق الأهالي.
السماح للمنظمات الحقوقية والإنسانية بالدخول الآمن إلى المنطقة لتقديم الدعم الطبي والإغاثي للناجين والنازحين.
توثيق كامل للأضرار ودعم برامج تعويض وإعادة تأهيل الضحايا على المدى القريب.
خاتمة
إن تكرار هذا النمط من الهجمات في الساحل السوري يشير إلى سياسة ممنهجة من العقاب الجماعي والإخضاع الأمني للسكان المدنيين، ويهدد بشكل خطير إمكانات العيش المشترك والاستقرار الأهلي في مرحلة ما بعد النزاع.
يدعو مركز مناهضة العنف والكراهية جميع الأطراف الدولية والمنظمات المعنية إلى تحمل مسؤولياتها والضغط الجاد لإيقاف دوامة الانتهاكات والانفلات الأمني في سوريا.